الخميس، 14 يوليو 2011

التقرير الاقتصادي المجلس العام لاتحاد عمال سورية (نيسان 2011)

أولاً- مقدمة
ينعقد المجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال في ظروف إقليمية شديدة التعقيد يواجه فيها شعبنا في سورية مؤامرة كبرى تهدف إلى تمزيق وحدته الوطنية وثنيه عن مواقفه القومية المشرفة التي أجهضت المشروع الأمريكي الصهيوني والذي يراد منه بالمحصلة أن تكون الأمة العربية بكاملها دويلات صغيرة تشكل سوقاً استهلاكية لإسرائيل.
إن ما تواجهه سورية اليوم من مخططات وتآمر ليس إلا لأنها رفضت الإملاءات الأمريكية ولأنها تقف في خندق المقاومة ضد العدو الصهيوني.
إلا أن شعبنا العربي في سورية بكل أطيافه وشرائحه الذي عاش مرحلة التصحيح ومازال حتى اليوم يعيش مرحلة التطوير والبناء مع القائد الرمز السيد الرئيس بشار الأسد, هو قادر على قراءة المستقبل قراءة المناضلين لا قراءة المستسلمين الخونة المارقين على الأمة.
إن التحام الشعب السوري بقيادته عبر حوار مستمر وتفاعل خلاق عبر القنوات المختلفة ولاسيما فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والمعيشية. ولقد شهدت السنوات الماضية حوارات تختلف درجة حرارتها بين الحين والآخر حول العديد من الملفات وخاصة تلك التي شارك فيها اتحاد العمال بفاعلية. ونذكر على سبيل المثال الحوار حول قانون العمل رقم 17 والقانون الأساسي للعاملين في الدولة والحوار الجاري حالياً حول صيغة جديدة لهذا الحوار ومشاركة الاتحاد في حوارات الخطط الخمسية العاشرة والحادية عشرة عبر سلسلة طويلة من حلقات الحوار بدءاً من القواعد وانتهاء بأعلى الهرم السياسي في سورية (الجبهة الوطنية التقدمية ومجلس الشعب).
لقد انسجمت مشاركة اتحاد العمال والقوى الاجتماعية الأخرى في سورية مع الجهات الحكومية مع مشروع السيد رئيس الجمهورية التطويري والتحديثي والمبني على ما جاء في خطاب القسم في ولايته الدستورية الأولى التي دعا فيها إلى تفعيل الحوار والشفافية.
وينعقد المجلس العام وقد أُصدرت العديد من التشريعات والقرارات التي هدفت بشكل أساسي إلى تحسين المستوى المعاشي لعموم المواطنين في سورية. وكان من أبرز هذه التشريعات تأسيس صندوق المعونة الاجتماعية والبدء في توزيع المعونة الاجتماعية وفق أحكامه. كما صدرت مكرمات السيد الرئيس بزيادة تعويض التدفئة وفروق الأسعار بواقع 630 ليرة سورية وتخفيض الرسوم الجمركية وضريبة الإنفاق الاستهلاكي والمبيعات على سلة مهمة من سلع الاستهلاك والتي تطال بتأثيراتها الإيجابية مختلف الفئات والطبقات وتحرك مختلف قوى الاقتصاد الوطني. وتوجيهات السيد الرئيس للحكومة بتوفير فرص عمل حيث أصدر مجلس الوزراء بجلسته في 1/3/2011 مجموعة من القرارات التي تهدف إلى توفير أكثر من مائة ألف فرصة عمل. وتنتظر الطبقة العاملة ومختلف الفئات الاجتماعية الأخرى مزيداً من الإجراءات التحديثية التي تهدف إلى تفعيل أدوات الفعل الاقتصادي في سورية وتعميق الحوار حول مختلف الملفات والتي تؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة الفساد والبطالة والفقر.
ومن أهم التشريعات التي صدرت مؤخراً المراسيم التشريعية/ 40، 41، 42، 43 و44/ لعام 2011 والقاضية بزيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة والمتقاعدين. وكان لإصدار السيد الرئيس لهذه المراسيم أطيب الأثر لدى أفراد الطبقة العاملة وأبنائهم. إن هذه المراسيم سوف تؤدي إلى تعزيز وتدعيم الوضع المعاشي العام في سورية كما أنها ستساهم بشكل فعال في إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقة والشريحة الأوسع في المجتمع، ألا وهي الطبقة العاملة التي تمثل غالبية الشعب السوري وسواده الأعظم. كما ستساهم هذه الزيادات في الأجور للعاملين في الدولة في تحريك الأسواق السورية، وهنا لا يفوتنا ضرورة التأكيد على أهمية مواكبة أجهزة ومؤسسات حماية المستهلك الرسمية وغير الرسمية لحراك الأسعار في السوق المحلية حتى لا تتم استغلال الفرصة ونهب فرحة أبناء الطبقة العاملة عبر زيادات غير مبررة في الأسعار.
ويسجل الاتحاد العام لنقابات العمال ارتياحه لتشكيل حكومة جدية برئاسة د. عادل سفر ويشاطر بذلك مختلف فئات الشعب السوري هذا الارتياح لما يأمل من هذه الحكومة العمل على تنفيذ التوجهات الاصلاحية ومتابعة اصدار التشريعات اللازمة وتنفيذها، بما يخدم تحسين مستوى الأداء على مختلف الصعد ولاسيما في الشأنين السياسي والاقتصادي. ويهم الاتحاد العام والحركة النقابية في سورية التأكيد على أنها ستعمل بإخلاص مع هذه الحكومة من أجل تنفيذ سياسات اقتصادية تنموية حقيقية وتحدثها على البدء مجدداً في دراسة البرنامج الاقتصادي للخطة الخمسية الحادية عشرة.
ثانياً- الأداء الاقتصادي خلال عام 2010
في هذا المحور سوف تتطرق إلى المحاور الفرعية التالية:
1- النمو الاقتصادي المتوقع خلال عام 2010 والمنهجية التي تم استخدامها من أجل تقدير هذا النمو
تشير التقديرات الأولية التي قام بها الاتحاد العام لنقابات العمال أن النمو الاقتصادي في سورية قد بلغ في عام 2010 بحدود 3.7% بالأسعار الثابتة و6.4% بالأسعار الجارية. فيما أشارت أرقام صندوق النقد الدولي إلى معدل نمو 5% في عام 2010 بالأسعار الثابتة. وفي الواقع على الرغم من أن هذا الرقم لا يعبر عن إمكانيات الاقتصاد السوري كما لا يعبر عن حاجات التنمية فيه، فإن عوامل متعددة قد دفعت باتجاه تخفيض هذا المعدل عما هو مطلوب. ومن أهم هذه العوامل استمرار تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثير استمرار النمو السالب في القطاع الزراعي نتيجة الظروف المناخية الصعبة التي استمرت خلال موسم عام 2010 (لا تتوفر أرقام تفصيلية حول التركيب القطاعي للناتج).
ويترافق مع تواضع أرقام النمو الاقتصادي، استمرار سوء توزيع الدخل الناتج عن هذا النمو. بمعنى، أن المواطن السوري لم يلمس بشكل حقيقي نتائج النمو الاقتصادي خلال عام 2010 وعام 2011 في ظل استمرار تركز نتائج النمو بين يدي فئة قليلة من رجال الأعمال والمحتكرين وخاصة في قطاع الخدمات والاتصالات وقطاع تجارة العقارات والمصارف والتأمين.
ومن المتوقع أن تترك العوامل المناخية والهطولات المطرية في شتاء 2010-2011 أثارها الإيجابية على إمكانيات النمو في العام الحالي. وفي هذا الصدد يحتاج الاقتصاد السوري إلى معدل نمو لا يقل عن 7% بالأسعار الثابتة (أي ما يعادل ضعفي الرقم المتحقق في العام السابق 2010) من أجل خلق فرص للعمل بأعداد مناسبة تخفض تدريجياً من كتلة المتعطلين عن العمل والمقدرة بـ 450 ألف حسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء.
إن عدم القدرة على تحقيق معدل النمو الاقتصادي المستهدف (7%) يعني في النهاية عدم القدرة بطريقة مباشرة وغير مباشرة على تحقيق أكثر الأهداف الكمية الأخرى في الخطة، مثل معدلات الاستثمار، والادخار، والتشغيل، والتضخم، والإنتاج وغيرها، ومن جهة أخرى يمكن تفسير عدم القدرة على تحقيق معدل النمو المخطط له بعدم قدرة السياسات الاقتصادية في التأثير على الاقتصاد خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الخطة.
تأرجحت مساهمة القطاع العام في تكوين الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات (2005- 2010) حول أرقام متقاربة. وبشكل عام بلغت مساهمة القطاع الخاص حوالي 65% في تكوين الناتج مقابل 32% للقطاع العام. وكانت أخفض مساهمة للقطاع الخاص في عام 2008, حيث بلغت 60% فقط. ويعود ذلك على الأرجح إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وإلى التراجع الحاد في الإنتاج الزراعي. والمملوك كله تقريباً من قبل القطاع الخاص
ويعمل لدى القطاع الحكومي (العام) 26,6% من المشتغلين في سورية عام 2010 وعددهم 1360,9 ألف عامل (بحسب مسح قوة العمل لعام 2010). وكانت نسبة المشتغلين في القطاع العام في عام 2006 بحدود 27,9 من إجمالي المشتغلين وبلغ عددهم 1355,7 ألف عامل. أما في عام 2002 فقد كانت نسبتهم بحدود 24,2% وبلغ عددهم آنذاك 1168,9 ألف.
2- التضخم في الاقتصاد السوري
بلغ معدل التضخم في سورية خلال عام 2010 ما يقارب 6% حسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، مقارنة بـ 3.7% لعام  2009.
بيانات الرقم القياسي لأسعار المستهلك في سورية والصادرة حتى شهر كانون الأول من عام 2010، تؤكد أنه جاء في مقدمة المكونات التي ساهمت بشكل ملحوظ في هذا التضخم كل من مكون السلع الغذائية والمشروبات غير الكحولية، إضافة إلى مكون الطاقة (الكهرباء والغاز، وأنواع الوقود الأخرى) خلال النصف الأول من عام 2010.
ومن خلال تفسير معدل التضخم، بالاعتماد على المساهمة النسبية لمكونات سلة أسعار المستهلك، تبين أن مكون الأغذية والمشروبات غير الكحولية هو المساهم الأكبر في معدل التضخم المسجل خلال كانون الأول 2010، بنسبة 6.8 بالمئة في حين كان ـ 0.085 لنفس الشهر من عام 2009.
من ناحية ثانية تشير تقارير اقتصادية إلى أن معدل التضخم المنشور من قبل الجهات الرسمية لا يعكس الواقع مطلقاً بسبب الخلل في تركيب سلة الاستهلاك التي يحسب على أساسها الرقم القياسي لأسعار المستهلك. وفي هذا الصدد تقدر هذه الجهات معدل التضخم التراكمي بين عامي 2000-2009 بحدود 305% وبفارق 138% عن الأرقام المعلنة من قبل المكتب المركزي للإحصاء.
على أي حال، ورغم الاختلاف بين التقديرين لأرقام التضخم، فإن الأسواق السورية قد شهدت خلال الأعوام السابقة ارتفاعات في الأسعار غير مبررة اقتصادياً ومردها إلى عوامل الاحتكار التي تمارس بصورة تختفي معها إجراءات الشفافية وأدوات دعم المنافسة ومنع الاحتكار عبر مؤسسة لم نشهد لها أي دور فاعل في هذا الإطار. وفي ظل غياب صارخ لدور مديريات وجمعيات حماية المستهلك، التي بقيت تدور في فلك الصفقات المشبوهة في غالب الأحيان بين المراقبين وبين التجار، ويضاف إلى ذلك ضعف جهاز الرقابة التموينية من ناحية الكفاءة والعدد.
ويأمل الشارع السوري ومكونه الأهم أبناء الطبقة العاملة في المراسيم التي صدرت مؤخراً والمتعلقة بتخفيض الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على استهلاك بعض سلع الاستهلاك الرئيسية. ويبقى تطبيق هذه المراسيم تحدياً يجب على أجهزة وزارة الاقتصاد التصدي له.

3- الدخول وتكاليف المعيشة:
تبعاً للنتائج الأولية لمسح دخل و نفقات الأسرة للعام 2009 فإن متوسط إنفاق الأسرة السورية وصل إلى 30.9 ألف ليرة شهرياً، و بالتالي فإن الإجمالي المتوقع لما تنفقه الأسر السورية شهرياً يصل إلى نحو 111.3 مليار ليرة، هذا إذ اعتبرنا أن عدد الأسر السورية تبعاً للتقديرات الرسمية يبلغ نحو 3,612 ملايين عائلة. والسؤال هل كتلة الأجور و الرواتب تكفي لتلبية هذا الإنفاق أو مساوية له؟!.
وتشير النتائج إلى أن 30% من الأسر السورية الأعلى دخلاً تستهلك 51% من إجمالي الإنفاق بينما تنفق 30% من  الأسر الأقل دخلاً بحدود 14% تقريباً. أي أن هناك عدالة نسبية في توزيع الإنفاق.
وبمقارنة هذه الأرقام مع أرقام عام 2004 نجد أن حصة 10% من السكان 3.02 من مجموع الإنفاق مقابل 3,6 في عام 2009. كما بلغت حصة أغنى 10% من السكان 29.90% من إجمالي الإنفاق في عام 2004 مقابل 25.5% في عام 2009.
ويبين الشكل أدناه تفاوتاً كبيراً بين المحافظات فيما يتعلق بإنفاق الأسر على الاستهلاك بصورة عامة، ولو أنها تقترب من بعضها البعض في الإنفاق على الغذاء. وقد بلغ أعلى متوسط إنفاق على الاستهلاك في مدينة دمشق (40.2 ألف ليرة) وأخفضها في محافظة دير الزور (24.3 ألف ليرة). وفيما يتعلق بالإنفاق الغذائي فإن محافظة الحسكة تليها حلب ودرعا والقنيطرة قد تصدرت محافظات القطر بمبلغ 15.5 ألف ليرة مقابل 10 آلاف ليرة في السويداء و13.5 ألف ليرة تقريبا في دمشق واللاذقية وحماة.
وفي مسح قوة العمل للنصف الأول من العام الحالي تبين أن هناك 3.205 ملايين عامل سوري يعملون بأجر مشكلين بذلك نسبة و قدرها 62.7% من إجمالي عدد المشتغلين، كما يشير المسح إلى أن متوسط الأجر الشهري يبلغ نحو 11315 ليرة، و هذا يعني أن كتلة الرواتب الشهرية لشريحة من يعملون بأجر تقدر بنحو 36,271 مليار ليرة، ليكون هناك فجوة بين ما تنفقه الأسر السورية وما يحصل عليه 62 % من المشتغلين، تقدر قيمتها بنحو 103 مليارات ليرة سورية..وهو الأمر الذي يحتاج إلى تفسير منطقي لمصادر تمويل هذه الفجوة، لم نقف عليه حتى الآن.
إن الفجوة الكبيرة بين إنفاقات الفئة الأفقر والفئة الأغنى على الرغم من تراجعها خلال الفترة 2004-2009 تحتاج إلى عمل دؤوب من أجل جسرها. ويتمثل ذلك بشكل أساسي بتحسين بل ومضاعفة الرواتب والأجور للعاملين بأجر في الاقتصاد السوري.
ولايخفى الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي ستنجم عن مضاعفة الأجور خلال فترة قصيرة على المؤشرات الاقتصادية ولاسيما النمو في قطاع الانتاج المادي وتحسين البيئة الاستثمارية من خلال زيادة حجم الطلب الكلي الفعال. ويضاف إلى ذلك ماسيؤديه زيادة الرواتب والأجور من تمكين الأسر العاملة في سورية من زيادة مستوى رفاها وتوسيع سلة استهلاكاتها السلعية والخدمية، وهو مايعني تحسيناً في مستوى التنمية الإنسانية في سورية.
ثالثاً: تمنيات النقابات العمالية في سورية من الحكومة الجديدة
1- في الخطة الخمسية الحادية عشرة
يرى الاتحاد العامل لنقابات العمال، بأنه لابد من إعادة النظر بالخطة الخمسية الحادية عشرة لكي تتناسب مع المشروع الاصلاحي الشامل الذي بدأت ملامحه ترتسم من خلال الاجراءات والتشريعات التي صدرت مؤخراً، وبما يلبي تطلعات وحاجات الشارع السورية ولاسيما الطبقة العاملة. وكان الاتحاد العام قد قدم رؤيته إلى المجلس العام للاتحاد في عام 2009 والتي تمثل إطاراً مهماً وتعبيراً عن وجهة نظره للخطة الخمسية الحادية عشرة. ومن أهم ما جاء في هذه الرؤية مايلي:
 آ- التأكيد على أن القطاع المنتج للسلع المادية ولاسيما قطاعي الزراعة والصناعة هو القطاع الرائد والقاطر للنمو الاقتصادي والحامل لمعالجة مشكلات الاقتصاد السوري. إن القطاع الزراعي منوط به قبل كل شيء، تأمين الغذاء للسكان، وتحقيق الأمن الغذائي على مستوى السلع الإستراتيجية، إضافة إلى توفير المادة الأولية للصناعات التحويلية.
ب-   إن هدف النمو تحسين شروط إنتاج التراكم اللازم لمقابلة متطلبات الأهداف التوزيعية      الاجتماعية. بمعنى أن نتائج النمو يجب أن تنعكس بصورة إيجابية على كافة طبقات        المجتمع ولاسيما الطبقة المنتجة وأفراد الطبقة العاملة (المشتغلة أو المعطلة).
ج ـ    إن المتغيرات الاجتماعية (الصحة والتعليم واستهداف الفقر وزيادة معدلات التشغيل        ومكافحة البطالة) هي روائز أي سياسة اقتصادية ، سواء أكانت كلية (مالية ونقدية   وتجارية خارجية) أو كانت قطاعية (الصناعة والزراعة والبناء والتشييد) وعليها تبنى   خطط الإصلاح.
د ـ تطوير وتحسين استخدام أدوات السياسة النقدية (الفائدة وسعر الصرف) والحفاظ على  القيمة الشرائية لليرة السورية وحل المشكلات المالية والتمويلية التي تقف عقبة حقيقية في وجه إصلاحه وتطويره
هـ ـ منح الإدارات في المؤسسات العامة من القطاع الصناعي كافة الصلاحيات التي تمكنها من اتخاذ القرارات الاستثمارية والتمويلية والتجارية والتسويقية والتطويرية والتشغيلية، بما يؤدي إلى زيادة قدرتها التنافسية وزيادة معدلات ربحيتها أو التقليل من خسائرها.
زـ تحويل المؤسسات العامة في القطاع الصناعي إلى شركات عامة وإلغاء الشركات العامة وتحويلها إلى منشآت أو مصانع تتبع لهذه الشركات حسب الاختصاص، وذلك بهدف التخلص من الإعاقة الإدارية التي يمثلها وجود جهاز مرجعي تنسيقي لم يعد مجدياً.
ح ـ    إعادة النظر بدور وزارة الصناعة المسيطر على أغلب الصلاحيات وتفويض هذه الصلاحيات لمجالس إدارة الشركات العامة وفق المقترح السابق.
ط ـ جعل مجلس الإدارة في أي شركة هو المرجع المناط به رسم السياسات الإنتاجية والتسويقية والتوظيفية والتمويلية وعقد وإبرام وتنفيذ العقود المحلية والخارجية، بما يؤمن المرونة اللازمة والضرورية لتحسين كفاءة القطاع العام واختيار البدائل المثلى في الوقت المناسب، وتحميل هذه المجالس المسؤولية كاملة على الأداء مقابل هذه الصلاحيات أمام الجهات الرقابية المختصة ولاسيما القضاء.
ي ـ اعتماد سياسة تكنولوجية تأخذ بالاعتبار التطورات الراهنة في الصناعة وحاجات الاقتصاد والمجتمع السوري ولاسيما ما يتعلق بالجانب التوظيفي للعمالة والاستفادة من رأس المال البشري السوري  .

2- في مجال القطاع العام والقطاع العام الصناعي
‌أ.       إسقاط كل الأصوات المنادية بإنهاء دور هذا القطاع فنحن لا ننكر الصعوبات الهائلة التي يعانيها القطاع العام ولكننا نرفض أن نضعه كاملاً في بوتقة واحدة فإذا أيقنا أن القطاع الصناعي العام هو شخص مريض فإننا نرفض الأصوات المنادية بإطلاق رصاصة الرحمة عليه وتركه لقمة سائغة لعمليات الخصخصة العشوائية وتخصيص أموال الحكومة وتحويلها إلى زمرة من الاحتكاريين هدفهم الأساسي تحقيق الأرباح وتكديس الثروات .
‌ب.  لابد من معاينة هذا المريض وإجراء الفحوصات الدقيقة لكل مرض على حدا وإننا لا ننكر أن بعض المعامل الحكومية وصلت إلى مرحلة أن كل استثمار إضافي فيها هو عبارة عن هدر للمال العام ولكنها قليلة بحيث لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة والتي نستطيع إيجاد حلول لها إما بإيجاد صيغ إدارية أخرى بالاستفادة من عمالتها وابنيتها في التحول إلى صناعات أخرى أكثر أهمية للاقتصاد السوري وليس البدء بالخصخصة
‌ج.    أما عن بعض الصناعات الإستراتيجية التي تنتهج الحكومة سياسة الدعم فيها كالكهرباء والماء  فإننا نؤكد على الدور الحيوي لهذه السياسة وأهميته ولكن علينا أن نجد صيغ تمويل معينة دون أن تقع هذه المؤسسات بمرحلة التراخي بل العكس يجب أن تدار بعقلية اقتصادية ربحية مع تحديد السعر الأمثل لها ثم تقوم الحكومة بعد ذلك ومن خلال الموازنة العامة للدولة بتعويض هذه القطاع بالفرق بين قيم المبيعات بالأسعار المحددة من قبل الدولة ورقم تكاليف الإنتاج مضافاً إليه هامش ربح مناسب.
‌د.      التوقف عن إجراءات الخصخصة في سورية بكل أشكالها مدفوعين بذلك لأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية.
‌ه.   التوسع في القطاع ولاسيما بتلك الصناعات الرائدة التي لديها العوامل الذاتية القاطرة لإنماء القطاعات الأخرى وفي هذا الصدد سوف نوصي بالتركيز على صناعات الغزل والنسيج والصناعات الغذائية الوسيطة والصناعات الكيميائية.
‌و.     وعليه نقول بأن واقع القطاع العام ليس واقعاً ميئوساً منه بل على العكس فهو يملك الايجابيات الكثيرة التي يستطيع المناورة من خلالها وتحقيق النتائج المرجوة منه إضافة إلى دوره الهائل في تشغيل القوة العاملة والقضاء على البطالة في المجتمع .
‌ز.     وفي النهاية فإننا نؤكد على ضرورة الإبقاء على القطاع العام ودعمه ومحاولة إصلاحه وعدم الرضوخ  لجميع  الضغوطات وأصحاب المصالح المنادية بإنهاء دوره الفعال خدمة لمصالحهم أو طمعاً في الحصول على تركته الوفيرة مؤكدين على إن القطاع العام ودوره أكبر من أن يتم مناقشته وتقييمه على ضوء مردوداته المالية  فقط فهو مسألة اكبر من أن يناط إلى الإداريين أو رجال الأعمال لصياغة واقعه ومستقبله. بل يتعدى ذلك إلى كون تقرير مصيره مسألة تأخذ أبعاداً سياسية غاية في الدقة. وأن التخلص منه والتوقف عن قصد عن دعمه سوف يؤدي إلى تهشيم الحامل الاقتصادي للدولة السورية التي تأسست بعد ثورة آذار والحركة التصحيحية.
3-  في مجال التشغيل ومكافحة البطالة:
يوصي الاتحاد العامل الحكومة الجديدة بضرورة العمل الحثيث على خلق المزيد من فرص العمل من خلال:
‌أ.       استراتيجية تنمية وطنية تستهدف بشكل أساسي العمل على قطاعات مشغلة لقوة العمل وهو ما ينسق مع توصية سابقة جارت في حديثنا عن القطاع الصناعي. أي التركيز خلال السنوات العشر القادمة على قطاعات رائدة كثيفة استخدام العمل.
‌ب.  التوسع بالقطاع العام والمالية العامة وجعل الهدف الرئيسي الثاني بعد النمو هو التشغيل حتى ولو كان هذا التشغيل بصيغة التوظيف الاجتماعي. مع الإشارة إلى النقص الحاد الذي تعانيه العديد من جهات القطاع الإداري ولاسيما البلديات ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومؤسسة التأمينات الاجتماعية.
‌ج.    خلق فرص عمل جديدة عن طريق زيادة الاستثمارات الحكومية في القطاعات الإنتاجية، وعدم الاكتفاء بالفرص التي يوفرها القطاع الخاص، وزيادة الأجور، ومنح المتعطلين عن العمل تعويضات كافية، ومجانية التعليم والطبابة، وتنمية المناطق الأقل نمواً، وخاصة في المحافظات الشرقية.
4- في مجال الالقطاع الصغير والمتوسط
‌أ.       حدثت جملة من التغييرات الإيجابية والتحسينات في السنوات الأخيرة على السياسات تجاه القطاع الصغير والمتوسط، والبنى التشريعية والمؤسسية التي يعمل في ظلها. فقد صدر المرسوم التشريعي رقم 39 للعام 2006 القاضي بإحداث هيئة عامة تدعى الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات. كما صدر المرسوم التشريعي رقم 15 للعام 2007 الذي سمح بموجبه  لمجلس النقد والتسليف بالترخيص بإحداث مؤسسات مالية مصرفية اجتماعية تهدف إلى تقديم التمويل الصغير والمتناهي الصغر، بالإضافة إلى خدمات مالية ومصرفية أخرى لشرائح معينة من السكان. كما صدر المرسوم التشريعي رقم 88 للعام 2010 الخاص بترخيص شركات التأجير التمويلي. وأحدثت مديرية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في وزارة الاقتصاد والتجارة في شباط 2007. لكن لم تظهر النتائج العملية الملموسة على أرض الواقع حتى الآن. فهناك الكثير مما يجب عمله وخاصة لتفعيل التشريعات والمؤسسات الجديدة. وقد تم مؤخراً إعداد استراتيجية المشاريع المتوسطة والصغيرة السورية الأولى (2010-2014  التي لم يبدأ تنفيذها.
‌ب.  إن دعم هذا القطاع من المهمات التي يؤكد عليها الاتحاد العام لنقابات العمال، لما له من دور في تشغيل مزيد من العمالة وحسن تخصيص الموارد والاستفادة بأكبر قدر ممكن من هذه الموارد.
‌ج.    ويتطلب دعم قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة سياسات تمويل خلاقة تشارك فيها مختلف الجهات ولاسيما الجهاز المصرفي الحكومي ومؤسسة التأمينات الاجتماعية ووزارة المالية (الموازنة العامة للدولة) ومصرف سورية المركزي، وبدعم من الاتحادات والمنظمات الشعبية. إنه باختصار جهد وطني تتكامل فيه الجهود من أجل اجتراح الطريقة المثلى لدعم هذا النوع من المشروعات ولاسيما التي تستهدف تنفيذ الاختراعات والابتكارات والعمل في الصناعات ذات التنافسية العالية والتي تشغل المزيد من اليد العاملة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق